تقود سميثسونيان جهودًا دولية لحماية الشعاب المرجانية واستعادتها
Jul 18, 2015
المشكلة والأهمية
حقق معهد سميثسونيان للحفاظ على البيولوجيا على مدار السنوات الـ 10 الماضية تطورات علمية رائعة فيما يتعلق بالحفاظ على الشعاب المرجانية باستخدام تقنيات تكاثر حديثة مركِّزة على الحفاظ الأنسجة والخلايا والخلايا المُنْتِشَة بالبرودة. وثمة احتمال أن تعود هذه التطورات العلمية بالمنافع الهائلة على محيطاتنا ومجتمعاتنا. ومن خلال توفر هذه المعلومات، فسيكون لدينا الآن الأدوات اللازمة للانتقال من المختبر إلى عالم الشعاب المرجانية المترامية حول العالم!

توفر الشعاب المرجانية موئلاً وموطنًا لما يزيد عن ربع الأحياء البحرية في محيطاتنا، ومع ذلك فهذه الشعاب واقعة تحت الحصار في جميع أنحاء العالم حيث إن هناك 75% من الشعاب المرجانية في طريقها للانقراض. تتناقص كميات الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم في وقتنا الراهن بمعدلات غير مسبوقة. وعلى الصعيد المحلي، تسبب التلوث والمواد الغذائية والترسبات الناتجة من استخدامات الأراضي المهجورة والصيد وممارسات التعدين في تدمير الشعاب. وعلى المستوى العالمي، تسببت غازات الدفيئة المتزايدة في زيادة حرارة المحيطات وتحميضها، الأمر الذي تسبب في تعريض الشعاب بشكل أكبر للضغط وتبييضها إضافة إلى الإصابة ببعض الأمراض الناشئة حديثًا وإضافة إلى ذلك، فإن التغير المناخي وعوامل الضغط البشرية تسببت في إحداث أزمة للشعاب المرجانية منتشرة على نطاق واسع ومعروفة جيدًا، الأمر الذي يجعل الحاجة ملِحَّة لاتخاذ إجراءات حاسمة للحفاظ على شعابنا المرجانية.
ويعتبر وضع الشعاب المرجانية في العالم كله مأساويًا نظرًا لتعرض ما يقرب إلى 75% منها إلى تهديدات جراء عوامل ضغط محلية وعالمية فضلاً عن اصطياد ما يصل إلى 55% من مخزون الثروة السمكية نتيجة للصيد الجارف. وعلى الرغم من أن الحدائق البحرية المدارة جيدًا تحظى ببعض إجراءات الحماية، إلا أن شعابنا تظل عرضة للأمراض والكوارث الطبيعية والتأثيرات البشرية على مستوى العالم. ونظرًا لأن هذه التهديدات لا تعترف بالحدود الجغرافية السياسية، يتحتم علينا العمل حينئذ على نطاق عالمي لتنفيذ إستراتيجيات فعَّالة للحفاظ على الشعاب.
تعتبر المحيطات والأنظمة البيئية للشعاب المرجانية الجيدة عوامل ضرورية لكافة أشكال الحياة على الأرض. إننا على يقين أن التغاضي عن هذه التهديدات لا يُعد خيارًا مطروحًا إذ أن هناك أكثر من مليار شخص حول العالم يعتمد على الشعاب المرجانية لكسب عيشهم وطعامهم ودوائهم فضلاً عن توفير سبل للحماية من العواصف. إذا لم يتم تغيير استخدامات الطاقة الحالية ولم يتم تطوير ممارسات بحرية أكثر تقدمًا للحفاظ على شعابنا المرجانية وحمايتها، فإن النتائج ستكون كارثية. وعلى الرغم من هذه التوقعات التشاؤمية، إلا أن علماء سميثسونيان يخلقون بجهودهم الأمل حول مستقبل شعابنا المرجانية.

الحلول التكيفيَّة
د.ماري هجدورن -أخصائية الأحياء البحرية بسميثسونيان- ترأس شبكة عالمية من العلماء في أحد أكثر البرامج تميزًا وانفرادًا للحفاظ على المحيطات في العالم اليوم، ويُعرف باسم مبادرة استعادة الشعاب المرجانية ركز على الحفظ بالتبريد للأحياء البحرية. وعلى الرغم من أن بعض ممارسات الحفاظ، كالمناطق البحرية المحميَّة، ربما تساعد في الحد من فقدان التنوع الجيني للشعاب إلا أنها تظل غير كافية! ستواصل التأثيرات العالمية للتغيرات المناخية في تقليص الشعاب المرجانية على مستوى العالم؛ الأمر الذي يسفر إلى خفض أعداد الكائنات الحية التي تتخذها كمأوى لها وفقدان التنوع الأحيائي. وتُعد تقنيات الحفاظ على الشعب المرجانية، مثل البنوك الجينية التي تستخدم العينات المجمدة، وسائل مبشرة للغاية في المساعدة في مواجهة هذه التهديدات. ستظل هذه الخلايا المُخزنة مُجمدةً مع الحفاظ على حياتها في نيتروجين سائل- وبقائها آمنة لمئات السنين. توجد مجموعات متنوعة قليلةٌ جدًا من الأجناس المحفوظة بالبرودة تستخدم خصيصًا لعمليات الحفظ، وهي أقل بكثير من تلك المستخدمة مع الأجناس المحيطية. وعلاوة على ذلك، فنظرًا لأن هؤلاء المجموعة من العلماء هم فقط من يطورون ويطبقون هذه التقنية الحديثة للمساعدة في حفظ الشعاب المرجانية على مستوى العالم، فإن عملهم يُعد في بالغ الأهمية. وقد أحرزوا في العامين الماضيين تطورات هائلة منها إنشاء:
- المكتبة ﺍﻟﺟﻳﻧﻭﻣﻳﺔ العالمية للشعاب المرجانية والمحيطات؛
- حاوية مرجانيات مجمدة تحتوي على المرجان من اثنين من المحيطات الثلاثة الرئيسية في العالم. توفر هذه البنوك الأحيائية المجمدة ملاذًا رئيسيًا للحفاظ على الشعاب المرجانية من الانقراض والتي تواجه الآثار الضارة للتغير المناخي والأوبئة وفقدان التنوع الجيني؛
- الابتكارات تسهم الابتكارات في مجال تكنولوجيا التبريد في تخطي حواجز علمي الفيزياء والأحياء ليتسنى في نهاية المطاف تضمين أنواع إضافية أخرى من الأنسجة في بنوكنا، مثل البيض وأجنة الكثير من الكائنات المائية (والتي لم تكن قابلة للحفظ سابقًا!)؛
- التغيرات في طريقة تفكير سميثسونيان وإنشاء المجموعات. تُعد مؤسسة سميثسونيان أول متحف رائد في العالم يقوم بإنشاء مجموعات متنوعة مُجمدة والاحتفاظ بها على نحو متناسق من مختلف الكائنات الحية، ولا سيما الشعاب المرجانية على وجه التحديد؛
- تطبيق الحلول المبتكرة لحفظ الشعاب المرجانية التي يمكن استخدامها في الوقت الحاضر في جميع أنحاء العالم.

الآثار
على الرغم من وجود تنوع جيني كبير نسبيًا في محيطاتنا، إلا أننا ما يزال لدينا نافذة صغيرة لتحقيق الآثار المقترحة لعمليات الحفظ. وإذ كانت محيطاتنا تمر بمنعطف خطير وتواجه عوامل ضغط حقيقية وفقدان متسارع في التنوع الأحيائي، إلاَّ أن احتمالية الانتعاش قوية ولكن ستتطلب جهودًا حثيثة ومناسبة لعمليات الحفاظ على الشعاب المرجانية كتلك التي قامت بها الدكتورة هجدورن وفريقها، حيث أنشأت بنك للشعاب المرجانية يوفر لمحيطاتنا فرصة للنجاح.
وقد نجح الفريق التابع مؤسسة سميثسونيان حتى وقتنا الراهن في حفظ الحيوانات المنوية لـ12 نوعًا من الشعاب حول العالم كما قاموا بإنتاج أنواع جديدة من الشعاب المرجانية باستخدام هذه المواد المجمَّدة. وهذا يعني أن هذه الأنواع الـ 12 يمكن أن تستخدم اليوم في إستراتيجيات الحفاظ على الشعاب في محيطاتنا، كما أنها ستظل في مأمن من تهديدات الانقراض مستقبلاً. وعلاوة على ذلك، يعمل فريق الدكتورة هجدورن على تخطي الحدود التكنولوجية لابتكار تقنيات متطوِّرة للحفاظ على بيض الشعاب المرجانية وأجنَّتها، وأيضًا على الأسماك المرجانية وقنفذ البحر والطحالب التي تعيش داخل الشعاب، كما أنهم يعملون على زيادة جهودهم لتشمل النظام البيئي للشعاب المرجانية ولا تقتصر فقط على الشعاب. ويمكن أن تعمل هذه العينات المجمَّدة على تقوية مجموعات صغيرة من خلال إضافة تنوع جيني لها، كما أنها توفر فرصًا بحثية ثَريَّة ومن المحتمل أن تساعد في إعادة زراعة المحيطات (حالما تعود إلى الظروف الطبيعيَّة بشكل أفضل).

الأمل
ستظل أمالنا قائمة طالما يتم التحفيز والحفاظ على استدامة الجهود الرئيسية والجديدة على مدار الشهور والسنوات القادمة من خلال التدريب والتعليم. إننا نأمل في تأهيل قادة في الحفاظ على الشعاب المرجانية ينصب تركيزهم على الشعاب المرجانية في كل محيط، ونهدف أيضًا إلى توسيع شبكتنا العالمية من العلماء المتخصصين في عمليات الحفظ. وستعمل هذه الشبكة العالمية على الإضافة إلى ما تم الوصول إليه بالفعل من خلال مجموعة صغيرة من العلماء الذين يركزون على هذه التقنيات. إننا نعلم جيدًا أن هذه فرصة مذهلة للعلماء الشباب الطموحين الذين يسعون بجِد لإحداث فارق، كما أننا على يقين بأن ثمار ذلك الأمر يمكن ألا تتأتَّى في فترة زمنية قصيرة. ونأمل أن يستقطب هذا التحدي الداعمين الذين يحبِّون الشعاب المرجانية الموجودة في عالمنا ويدركون قيمتها ويريدون أن يروها على قيد الحياة. ولا تزال الفرصة متاحة لنا كمجتمع عالمي للحفاظ على ما تبقى وإزالة الأضرار التي لحقت بمحيطاتنا.