حماية التراث الثقافي في سوريا والعراق
Jul 18, 2015
يهدد عدم الاستقرار السياسي والصراعات الموجودة في سوريا والعراق أمن وسلامة التراث الثقافي هناك. يساعد التراث الثقافي المجتمعات والأمم في إعادة بناء نفسها عقب ما يلم بها من عنف وكوارث طبيعية مدمرة. فالأمر لا يتعلق فقط بالحفاظ على النتاج البشري والمواقع التاريخية، بل إنه يتعلق بالحفاظ على مجتمعات بأكملها وأسلوب حياتها. تعمل مؤسسة سميثسونيان مباشرة مع المتاحف السورية والعراقية إلى جانب الأخصائيين الثقافيين لتوفير التدريب لهم فضلًا عن المعدات والدعم الفني من أجل الحماية الميدانية للتراث الثقافي والمحافظة عليه.
يعد مشروع حماية تراث سوريا والعراق (SHOSI) شراكة بين مؤسسة سميثسونيان ومركز التراث الثقافي في بنسلفانيا التابع لمتحف جامعة بنسلفانيا والجمعية الأمريكية لتقدم العلوم وجامعة شانوي وجمعية "اليوم التالي" و معهد السلام الأمريكي. يتصدى مشروع حماية تراث سوريا والعراق للتهديدات التي تحدق بالتراث الثقافي في الشرق الأوسط، من خلال البحث وتدريب المتخصصين في شؤون المتاحف المحليين فضلًا عن التوعية العامة واستخدام التقنيات الحديثة لرصد مدى الدمار.
نظمت مؤسسة سميثسونيان في صيف 2014 ورشة عمل طارئة للأخصائيين العاملين بالمتحف السوري من أجل مشاركة خبرة سميثسونيان فيما يتعلق بخدمات الرعاية أثناء الطوارئ للمجموعات المتنوعة بالمتحف . لقد قامت كورين فيجنر، مسؤولة الحفاظ على التراث الثقافي بمؤسسة سميثسونيان، وروبرت باترسون، متخصص المعارض في المتحف القومي للهنود الأمريكيين، والزملاء من جامعة بنسلفانيا وجامعة ولاية شوني بمشاركة المعلومات مع المشاركين بخصوص حماية المجموعات المتنوعة بالمتاحف خلال الصراع السوري.
قدمت الورشة للمشاركين أيضًا اللوازم الأساسية لتعبئة المحتويات المتنوعة الموجودة بالمتحف وتأمينها. تواصل المشاركون في الورشة مع أقرانهم وبدأوا محادثة بخصوص الوضع في سوريا وتنسيق الاستجابات لحالات الطوارئ. لا يستطيع القيمون بالمتاحف السورية والأمناء بها غالبًا التواصل بسهولة مع بعضهم البعض بسبب الصراع. أتاحت لهم الورشة فرصة للاجتماع كمجتمع واحد وتحديد طرق لحماية المحتويات التراثية في المكان المناسب.

وفرت مؤسسة سميثسونيان للمشاركين المعدات واللوازم لتأمين المحتويات التراثية في سوريا، بما في ذلك مجموعات الفسيفساء التي لا يمكن تحريكها الموجودة في متحف معرة النعمان في محافظة إدلب. يقع متحف معرة النعمان على بعد 50 ميلاً من حلب، حيث يضم بين جنباته أهم مجموعات الفسيفساء الرومانية والبيزنطية في الشرق الأوسط والتي تعود إلى الفترة بين القرنين الثالث والسادس.
لقد تعرض متحف الفسيفساء بمدينة معرة النعمان إلى تدمير كبير جراء الحرب الأهلية طويلة الأمد والتي لا تزال قائمة حتى اللحظة. قدمت مؤسسة سميثسونيان دعمًا للجهود المتعلقة بحماية التراث والحفاظ عليه في حالات الطوارئ المبذولة من جانب أخصائي التراث الثقافي السوريين والمتطوعين من أجل حماية هذه العناصر النفيسة.

يهدف مشروع الحماية في حالات الطوارئ إلى تأمين الفسيفساء من أي ضرر إضافي أثناء الصراع. وبعد مشاورات مع الخبراء في مجال حفظ الفسيفساء، وضع الفريق السوري طبقة من الصمغ والقماش مصممة لتقوية القطع صغيرة (قطع القرميد الفردية التي تتكون منها الفسيفساء) والحفاظ عليها متماسكة. عندئذٍ، وضع الفريق عدد من حمولات أكياس الرمل لحماية الفسيفساء من أي ضرر إضافي. وبوجه عام، ساهم الفريق في حماية ما يقرب من 1,600 قدم مربع من الفسيفساء.

عندما خلف برميل متفجر دمارًا شديدًا في المتحف في يونيو 2015، صمدت التحصينات المصنوعة من الأكياس الرملية وحمت الفسيفساء وحالت دون انهيار الجدران التي كانت مثبتة عليها.

وفي هذا السياق صرحت كورين قائلة "إن مشروع الحفاظ على متحف الفسيفساء بمدينة معرة النعمان يُعد إشارة على التزام الزملاء السوريين بالحفاظ على تراثهم حتى في مواجهة صراع مسلح". وتابع "إنني أشعر بالفخر تجاه دعم سميثسونيان جهود هؤلاء الزملاء كما أتطلع إلى مزيد من التعاون المستقبلي معهم، إضافة إلى التعاون مع غيرهم من الزملاء في جميع أنحاء العالم الساعين إلى الحفاظ على التراث في مناطق الأزمات".