الدبلوماسية في التصميم: مؤسسة سميثسونيان وبرنامج American Spaces
By Isabella Roden
يقدم برنامج American Spaces التابع للخارجية الأمريكية والموجود في 700 موقع مادي بالمكتبات والجامعات والمراكز الثقافية بوصفه مبانِ مستقلة أو داخل السفارات والقنصليات بجميع أنحاء العالم الدعم لأماكن يمكن للأشخاص من خلالها تبادل الأفكار والخبرات ومعرفة الثقافة والتاريخ والقيم الأمريكية. هذه الأماكن التي يمكن من خلالها للزوار - وخاصة الشباب - التعرف على الولايات المتحدة والوصول إلى الإنترنت المفتوح واكتساب المهارات الوظيفية بالإضافة إلى المشاركة في حوارات مختلفة فيما بينهم ومع الأمريكيين في ظل بيئة آمنة. قد يجد أحد زوار إحدى هذه المحطات شبابًا محليين يتعلمون كيفية كتابة السيرة الذاتية أو ممارسة اللغة الإنجليزية أو مناقشة آثار تغير المناخ على حياتهم الخاصة.
منذ عام 2012، يتمتع زوار عدد معين من برامج American Spaces بالوصول إلى عالم سميثسونيان الخاص والاستمتاع به من خلال محتوى منسق وأماكن موجودة أعيد تصميمها كجزء من مشروع تقييم وإعادة تصميم برنامج American Spaces، وهو مشروع شراكة بين مؤسسة سميثسونيان ومكتب الخارجية الأمريكية لبرامج المعلومات الدولية. يعكف خبراء تصميم ومحتوى سميثسونيان من خلال هذه الشراكة على ابتكار أدوات جديدة للدبلوماسية العامة، بما فيها المساحات الديناميكية الطبيعية التي تحتفي بزوارها ومحتوى سميثسونيان المنسق عن الثقافة الأمريكية والديمقراطية والمشاركة المدنية وريادة الأعمال والعلاقات بين الأعراق والفنون والتعليم وغيرها الكثير. ويمكن - من خلال هذا المشروع - لزوار المراكز الأمريكية ومراكز مصادر المعلومات والمجتمعات الأمريكية والمراكز الوطنية المشتركة تجربة مؤسسة سميثسونيان في مدنهم والتعرف على التاريخ والثقافة الأمريكية من خلال منظور سميثسونيان.

منذ قرن تقريبًا—منذ عام 1927 حيث إنشاء أول "مركز وطني مشترك" في الأرجنتين—كان لدى برنامج American Spaces مساحات للانخراط في الثقافة الأمريكية وتجربة عشاء عيد الشكر أو تعلم اللغة الإنجليزية. حيث تعد هذه المناسبات وسيلة رئيسة في تحقيق فهم متبادل بين الأمريكيين والجمهور العالمي، ويجسد التزام الولايات المتحدة بأحد الركائز الأساسية للديمقراطية: وهو حق المواطن في حرية الوصول إلى المعلومات.
أرسى موظفو الخارجية الأمريكية المبدعون والمتفانون طوال سنوات عديدة هذه المساحات بأنفسهم باستخدام الموارد المتاحة محليًا، ونتيجة لذلك قد لا يكون هناك إلا قواسم مشتركة قليلة بين تجربة في أحد برامج American Space في سانتياغو بتشيلي مع مثيلتها في جاكرتا بإندونيسيا.
تسافر فرق عمل مؤسسة سميثسونيان والخارجية الأمريكية معًا منذ عام 2012 إلى American Spaces بجميع أنحاء العالم، مع تجدد التركيز على إنشاء شبكة أقوى وأكثر تماسكًا من المساحات، تكون أكثر قدرة على خدمة المجتمعات والشباب. تجتمع فرق عمل سميثسونيان مع موظفي السفارات والموظفين المحليين عند الزيارات الميدانية ومن خلال المؤتمرات الافتراضية، لتقييم المساحات والاحتياجات القائمة وتقديم توصيات من أجل إنشاء مساحات تلهم الزوار. وبناءً على المقابلات وتقييمات مجموعة التركيز، فإن فرق عمل سميثسونيان تحقق أقصى استفادة من المساحات لاستخدامات متعددة وتقدم تدريبات لعدة أيام عن كيفية الاستعانة بمحتوى سميثسونيان في البرامج المقدَّمة للزوار. تستند شراكة برنامج American Spaces إلى الخبرة التي تتمتع بها مؤسسة سميثسونيان المشهودة بجميع المتاحف ومراكز الأبحاث - بدءًا من إعادة تصميم المساحات المادية مع تأكيد حس الإبداع والإلهام، وحتى تنسيق محتوى سميثسونيان الذي يُستعان به كمصدر للموظفين والزوار. وقد زارت فرق مؤسسة سميثسونيان - بقيادة مكتب العلاقات الدولية بمؤسسة سميثسونيان - أربعة وعشرين من American spaces، بجميع القارات عدا القارة القطبية الجنوبية!

تستفيد مؤسسة سميثسونيان أيضًا من النجاحات السالفة التي حققتها مواقعAmerican Spaces الحالية لتقييم المشروع. في إحدى الزيارات إلى American Space بمدينة هو تشي منه بفيتنام، زرات أفيفا روزنتال المستشار الأول بمكتب العلاقات الدولية بمؤسسة سميثسونيان برنامجًا لكتابة السير الذاتية يقوده أحد المتطوعين، والذي حضره أكثر من 300 شاب. حيث قدمت حلقة العمل هذه نموذجًا لمعالجة واحدة من مجالات التركيز الرئيسة لبرنامج American Spaces: وهي التواصل مع الشباب بطرق تتناسب معهم. تساءلت أفيفا، مدفوعة بما رأته في فيتنام "كيف يمكننا استغلال موارد سميثسونيان والمهارات لجعل هذا النوع من المعلومات متاحًا ويسهل الوصول إليه للشبكة بأكملها"؟
لجأت أفيفا إلى الفريق المبدع بمختبر الوسائط الرقمي وبرنامج ARTLAB+ بمتحف هيرشورن وحديقة النحت التابع سميثسونيان بواشنطن العاصمة، ووضعت ايمي هوما والفريق ببرنامج ARTLAB+ دليل "حاضنات الأعمال" لزوار برنامج American Spaces. تعرض حاضنات الأعمال هذه البرامج التي تسهم في تزويد المشاركين بالخبرات والمهارات التي من شأنها أن تساعدهم في الشروع في أعمال تجارية جديدة أو العثور على وظائف جديدة ترتكز على خمسة محاور وهي: الدافعية والتطوير والمجتمع والتسويق والعمليات.
ذكرت ايمي مؤخرًا "كم كان ذلك مثمرًا حين ترى تأثير هذا المجهود على الحياة الواقعية، حين ترى العلاقات يصنعها الأشخاص بين بعضهم بعضًا، وكيف انتهى بهم المطاف إلى استخدام محتوى سميثسونيان وكيف قوَّموا هذا المحتوى ليتناسب مع عاداتهم الثقافية" استعان موظفو الخارجية الأمريكية في إندونيسيا مؤخرًا بحاضنات الأعمال في برنامج تجريبي استمر لمدة 9 أشهر، كما خُصصت مساحة في البرازيل لتنظيم معسكر صيفي كامل للشباب حول الدليل.

في الوقت الذي تضع فيه ايمي ومدربو ومنسقو سميثسونيان محتوىات حسب الطلب ودلائل البرامج والأدوات التثقيفية، يقدم مصممو سميثسونيان التوصيات بهدف تكوين نظرة عالمية متماسكة والتعود على برنامج American Spaces.
زار مدير التصميم لمكتب المعارض في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي مايك لورانس أحد برامج American Spaces لأول مرة في عام 2011، عندما أجرى مشاورات بشأن إعادة تشكيل محطة “@america” في جاكرتا بإندونيسيا. يشارك مايك وهو أحد المهندسين المعماريين بالتدريب في إنشاء المعارض بمؤسسة سميثسونيان التي تتراوح بين قاعات الديناصورات الضخمة إلى المعارض التفاعلية الفردية. بعد انتهاء التقييمات والاجتماعات للوقوف على الاحتياجات المحلية، وضع مايك التوصيات لتحسين مظهر وسمة @america، وتعزيز استخدام الفضاء على نحو أكثر فعالية وتقديم نظرة حديثة بشأن جلب "America" إلى هذا الفضاء الدبلوماسي العام، الذي يبلغ 16,000 كيلومتر من واشنطن. يقول مايك "مهَّد العمل على @america المرحلة التي أعقبت ذلك بشكل فعلي" بعد نجاح مشروع @america، تعاونت كل من مؤسسة سميثسونيان والخارجية الأمريكية لإجراء تقييم وإعادة تصميم أكبر لشبكة برنامج American Spaces بشكل كامل، وكان مايك جزءًا من هذا المشروع منذ البدء فيه، وسافر إلى أكثر من اثنى عشر موقعًا آخر.
قال مايك "لقد طاف بي هذا المشروع أماكن، لم أتخيل العمل بها يومًا ما" "إنها واحدة من أكثر الخبرات المهنية المثمرة في حياتي". خلال عمله ببرنامج American Spaces، وصل مايك إلى الشباب في مكسيكو سيتي بالمكسيك وكذلك الشباب في بيشكك بقيرغيزستان. وتشكل توصياته المساحات لتعزيز مشاركة الزوار وتيسيرها، تمامًا مثل المعارض التي تُعقد بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي، حيث توفر مساحات للاستكشاف والتعاون والمفاجأة للزوار من مختلف الفئات العمرية.

لا يمكن لمصممي سميثسونيان ومنسقيه ومتخصصي التثقيف السفر إلى كل شبكة من شبكات برنامج American Space. لذلك وضع فريق سميثسونيان أدلة للمحليين وموظفي الخارجية الأمريكية، عبارة عن كتيب أفكار و كتاب للمحتوى والبرامج، حيث يعرض مفاهيم التصميم وتوصيات الأثاث وموارد سميثسونيان وصورها ومفاهيم البرامج والإستراتيجيات الرقمية لشبكة American Space العالمية. هذه الكتب متاحة لأي شخص يرغب في تنظيم برامج أو تقديم محتوى مثير للاهتمام لزوار برنامج American Space.
بالاستعانة بكتيب الأفكار وكتاب المحتوى والبرامج، قام كل من أفيفا روزنتال وليز تونيك سيدار ولورين أبلباوم من مكتب العلاقات الدولية على تدريبات المشروع والسفر إلى المحطات وعقد مؤتمرات افتراضية مع الشركاء المحليين لاستعراض أفضل الممارسات بغرض تطبيق توصيات التصميم والمحتوى، التي وضعها مايك وايمي والخبراء بمؤسسة سميثسونيان. حيث أوضحوا لموظفي السفارة والموظفين المحليين كيف يمكن لمحتوى سميثسونيان إثراء برامجAmerican Space، ومعرفة كيفية تفسير محتوى سميثسونيان وإعادة تفسيره بجميع أنحاء العالم.
تُيسر شبكة American Space من التبادل الموثوق بين المجتمعات المحلية والدبلوماسيين والموظفين الأمريكيين. عندما زارت ليز أحد برامج American Space في المغرب، شارك معها الشباب، حيث قالت "هذا هو المكان الذي أشعر فيه بالأمان، حيث صنعت علاقات لمدى الحياة. إنه بلدي الثاني، عائلتي الثانية". يوفر برنامج American spaces مكانًا آمنًا،يمكن للشباب من خلاله اكتساب مهارات جديدة والاجتماع والتواصل مع بعضهم بعضًا والالتقاء بدبلوماسيين أمريكيين وقادة محليين والحديث عن القضايا التي تشغلهم.
توضح ليزا مدى "الدور بالغ الأهمية الذي تؤديه هذه المساحات في مواجهة التصورات السلبية عن الولايات المتحدة - وسياستنا وقيمنا ومواطنينا. يسهم ربط الأفراد بالسياسة من خلال التفاعل البشري وإتاحة الفرص للتعلم والتعبير عن الذات في تغيير الصورة الذهنية التي يعرفها الناس عن الولايات المتحدة بشكل كامل. لن نسهم في تحسين نوعية الحياة للمواطنين العالميين الزملاء فحسب، بل سنحقق أيضًا صداقات أبدية - لمؤسساتنا وأنفسنا". حتى وإن كانت الحكومات في حالة عدم اتصال في الوقت الحالي، فإن برنامج American Spaces يوفر المساحة والإمكانية للأفراد والمجتمعات للدخول في حوار من أجل التغيير. تتعاون الخارجية الأمريكية ومؤسسة سميثسونيان من خلال هذا الفضاء لتيسير الدبلوماسية على نطاق بشري، من خلال التفاعلات والتبادلات اليومية